الصرع

الصرع

كتب المقال: أشرف السواريه
دقق المقال: حمزة الشهوان

تعد نوبة الصرع شائعة الحدوث، حيث تبلغ احتمالية الإصابة بنوبة صرع واحدة في العمر 10 %.[1] لنوبة الصرع أسباب متعددة، أحدها هو مرض الصرع الذي يعتبر من أكثر الأمراض العصبية شيوعاً، حيث يصيب ما يقرب من 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.[2]

تعريف الصرع ونوبة الصرع

تُعرف نوبة الصرع بأنها نشاط عصبي متزامن غير طبيعي في الدماغ يتسبب في حدوث عابر لعلامات وأعراض سريرية، والتي تختلف بالاعتماد على مكان هذا النشاط العصبي المفرط، إذ قد يكون في جزء محدد من الدماغ أو مجملة.[1]

ويعرف الصرع بانه مرض عصبي مزمن يتسبب باضطراب في الدماغ ويتميز باستعداد دائم لتوليد نوبات الصرع، ويتطلب تشخيص الصرع أن يعاني المريض من نوبتين على الأقل دون وجود محفز وأن يفصل بينها 24 ساعة.[3]

  • الأعراض

تتعدد وتختلف الأعراض التي قد يشكو منها مريض الصرع، حيث تعتمد الأعراض السريرية الظاهرة عند المريض على الوظيفة الطبيعية لمنطقة الدماغ المتأثرة بالصرع كما يلي[4]

  • الفص الأمامي: قد يعاني المريض من تيبس وتصلب العضلات أو انقباضات عضلية ارتعاشية متكررة 
    • الفص الجداري: قد يشعر المريض بالوخز أو التنميل 
  • الفص القذالي: قد يشكو المريض من فقدان البصر أو هلوسة بصرية 
  • الفص الصدغي: قد يعاني المريض من هلوسة سمعية أو حُبْسَة (فقدان القدرة على الكلام) 
  • اللوزة الدماغية (amygdala) والحُصَينُ (hippocampus): قد يعاني المريض من هلوسة شمية، وهم سبق الرؤية (Deja vu)، أو يشعر بالخوف والتوتر. 

ويجدر الإشارة إلى أنه لا تستمر نوبات الصرع عادة لفترة طويلة. إذا استمرت النوبة لأكثر من خمس دقائق، يشار إليها باسم حالةِ الصرعٍ مستمرّ (Status Epilepticus). وهي حالة طبية طارئة تتطلب علاجًا فوريًا.[5]

  • أنواع الصرع

شهد تصنيف مرض الصرع تغييرات جوهرية في الأعوام العشرة الماضية، حيث قام الاتحاد الدولي ضد الصرع (ILAE) في عام 2017 بنشر آخر التحديثات على طريقة تصنيف وتحديد أنواع مرض الصرع.[6] وبشكل عام، يصنف الأطباء نوبات الصرع إلى نوبات بؤرية (والتي تكون مقتصرة على مكان واحد في الدماغ) أو نوبات معمَّمة (والتي تشمل جميع أجزاء الدماغ) أو نوبات غير معروفة المنشأ (بحيث لا يمكن تحديد كيف بدأت النوبة).[7] وفيما يلي شرح لبقية التصنيف:

  • نوبات الصرع البؤرية: يمكن تصنيف هذه النوبات بالاعتماد على درجة الوعي إلى نوبة بؤرية دون فقدان الوعي أو نوبة بؤرية مع ضعف في الوعي.[7]

 وفي المستوى الثاني من التصنيف يمكن تقسيم الأعراض المصاحبة للنوبة إلى أعراض حركية (وتشمل التشنجات وانقباض العضلات اللاإرادي أو ارتخائه المفاجئ، ويمكن أن يقوم بحركات متكررة كفرك اليدين أو المضغ) أو أعراض لا حركية (وتشمل الاضطرابات الحسية والعاطفية والنفسية كالخوف والقلق).[7]

  • نوبات الصرع المعمَّمة: لا يتم تصنيف هذه النوبات بالاعتماد على درجة الوعي لأنه غالبا ما يكون المريض بدون وعي. وإنما يتم التصنيف النوبات إلى حركية أو لا حركية.[7] وفيما يلي التفصيل[8]
  • نوبة الصرع التوترية: تصبح ذراع وساق المريض صلبة ومتيبسة، عادةً ما تمر هذه النوبات بسرعة ولا تؤثر على وعي المريض. 
  • نوبة الصرع الارتخائية: وتسمى أيضا بنوبة السقوط الحر، حيث ترتخي عضلات الجسم فجأة؛ فتتسبب بالسقوط وقد يفقد المريض الوعي لفترة وجيزة. 
  • نوبة الصرع الرمعية: تسبب هذه النوبة انقباض وارتعاش لمجموعة من عضلات الجسم، ويرافق هذه النوبة عادة فقدان للوعي.
  • نوبة الصرع الرمعية العضلية: ترتعش مجموعة من العضلات بسرعة ولا يرافق هذه النوبة فقدان للوعي.
  • نوبة الصرع التوترية الرمعية: وتسمى أيضا بنوبة الصرع الكبير، تؤثر على كامل الجسم وتسبب التشنج والارتعاش؛ ويصبح المريض فاقداً للوعي.
  • نوبة الصرع المصحوبة بغيبة: تسمى بنوبة (الصرع الصغير) وهي النوع الوحيد من النوبات اللاحركية، حيث يرافق النوبة التوقف المفاجئ لنشاط المريض مع رفرفة العين وإيماء الرأس أو التحديق في الفراغ.

 

  • أسباب الصرع

هناك العديد من المسببات لمرض الصرع، والتي يمكن تصنيفها بالاعتماد على عمر المريض حين بدأت نوبات الصرع. فيما يلي ذكر للمراحل العمرية مع أكثر الأسباب شيوعا للصرع في كل منها[4]:

  • الرضع: عوز الأكسجين حوالي الولادة، الاضطرابات الأيضية، الاضطرابات الجينية، النزف داخل الجمجمة.
  • الأطفال: عوز الأكسجين حوالي الولادة، الإصابة عند الولادة أو بعدها، الإصابة بعدوى (كالتهاب السحايا)، الأسباب المتعلقة بالأوعية الدموية (كالتشوه الشرياني الوريدي)، الاضطرابات الأيضية، الاضطرابات الجينية.
  • المراهقون والشباب: صدمة أو رضَّ، الإصابة بعدوى، الاضطرابات الجينية، أورام الدماغ.
  • البالغون الأكبر: الجلطة الدماغية.
  • الأكبر سنا (أكبر من 60 سنة): الجلطة الدماغية، الخرف، أورام الدماغ، صدمة أو رضَّ، الإصابة بعدوى.


  • التشخيص

يعتمد الطبيب في التشخيص على التاريخ المرضي للنوبة والفحص السريري، اضافةً الى العديد من الفحوصات مثل مخطط كهربية الدماغ أو التصوير العصبي وغيرها[9]:

    • التاريخ المرضي والفحص العصبي: يبدأ التشخيص بأخذ تاريخ مرضي مفصل وعمل فحص عصبي سريري، واللذان يعدان في غاية الأهمية لتحديد نوع الصرع. يُسأل في التاريخ المرضي عن الأعراض التي سبقت نوبة الصرع وعن تفاصيل النوبة نفسها كيف كان يبدو المريض، وهل كان يستجيب عند السؤال، وهل فقد وعيه، وعن أي حوادث حصلت أثناء النوبة، ويُستفسر أيضاً عن حالة المريض بعد النوبة. يُستخدم الفحص العصبي لتحديد العلامات السريرية وبالتالي تحديد منشئ نوبة الصرع، كما يُفحص المريض للكشف عن عوارض أي أمراض اخرى تترافق أو تسبب الصرع.
  • مخطط كهربية الدماغ (EEG): هو تسجيل لنشاط الدماغ الكهربائي، ومن خلاله يتم رصد النشاط الكهربائي غير الطبيعي المصاحب لنوبة الصرع وتحديد نوعها. يفضل أن يشتمل الفحص على الحالات المختلفة للوعي من يقظة، و نعاس، ونوم. قد يُلجأ لعمل إجراءات تزيد من نسبة حدوث النشاط العصبي للصرع، مثل التحفيز الضوئي أو زيادة معدل التنفس.
  • التصوير العصبي: يُتطلب القيام بالتصوير العصبي، مثل التصوير المقطعي المحوسب (CT) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للكشف عن مسببات نوبة الصرع. يستطيع الأخير الكشف عن الآفات المسببة للنوبات البؤرية، ويُعتبر أكثر حساسية من التصوير المقطعي (CT) في الكشف عن تصلب الحصين وتشوه قشرة الدماغ. بينما تكمن فائدة التصوير المقطعي (CT) في قٌدرته على الكشف عن الأورام والنزيف والتكلس في الدماغ.

ويشمل التصوير العصبي طرقاً أكثر تقدماً للكشف عن أسباب الصرع، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، التصوير المقطعي بالإصدار البوزيترون (PET)، التصوير المقطعي المحوسب بالفوتونات المفردة (SPECT) أو التصوير المغناطيسي للدماغ (MEG)، والتي قد يُلجأ لهم في مراكز علاج الصرع لتقييم المريض قبل الخضوع للجراحة.

  • فحوصات أخرى: مثل الفحوصات الجينية أو الفحوصات الأيضية للكشف عن بعض المتلازمات التي تسبب الصرع.


  • العلاج

يمكن من خلال التشخيص والعلاج المناسبين لحوالي 60 ٪- 70 ٪ من المصابين بالصرع أن يتخلصوا من النوبات الصرعية.[4] يشمل علاج الصرع الإسعافات الأولية والعلاج بالأدوية والجراحة وعلاجات أخرى كالعلاج الجيني والنظام الغذائي الكيتوني.[10] فيما يلي شرحها:

  • الإسعافات الأولية: تشمل الأفعال التي ينبغي أن يقوم بها الأشخاص الذين يشهدون نوبات مرضى الصرع. أهم خطوة تكمن بالهدوء ومساعدة المريض، حيث أثبتت الدراسات أن نوبات الصرع يمكن التعامل معها بأمان من قبل المرضى وعائلاتهم إذا حصلوا على التدريب الصحيح.[10] وفيما يلي قائمة بما يجب القيام به والامتناع عنه، عند التعامل مع مريض الصرع أثناء النوبة[10]
  • لا ينبغي الهرب من المريض، بل يجب إزالة الأغراض المحيطة بالمريض لتجنب الأذى وإبعاد المتفرجين 
  • لا ينبغي إمساك المريض بالقوة لمنع الانقباضات، بل يجب أن ندع النوبة تأخذ مجراها 
    • لا ينبغي إعطاء دواء الصرع على الفور، ولكن يجب أن تتم مراقبة مدة النوبة 
    • لا ينبغي وضع أي شيء في فم المريض، بل يجب الحفاظ على مجرى التنفس مفتوحاً بإمالة المريض على جنبه 

  • العلاج بالأدوية: يعتبر العلاج بالأدوية المضادة للصرع والتشنج هو أحد أكثر الخيارات أهمية في علاج الصرع، حيث إنه من الممكن أن يتم علاج نحو 65 % من الأطفال الذين يعانون من الصرع إذا تم استخدام هذه الأدوية في المراحل الأولى من المرض.[10]

يجب أخذ هذه الأدوية فقط عندما وصفها من قبل طبيب، ويجب الانتباه إلى أخذ الجرعات الصحيحة وتجنب أخذها مع أدوية أخرى لتفادي الضرر.[10] فيما يلي بعض الأعراض الجانبية لهذه الأدوية:

  • اضطرابات الجهاز العصبي المركزي[10]
  • التغييرات السلوكية[11]
  • التأثيرات على الإدراك[10]
  • تغيرات الوزن[10]
  • تغييرات نفسية[11]
  • اضطرابات الجهاز الهضمي[10]

  • العلاج بالجراحة:

قد يُلجأ إلى التدخلات الجراحية عندما لا يستجيب المريض للأدوية. هناك أنواع مختلفة من التدخلات الجراحية التي يمكن استخدامها لعلاج مرض الصرع والتي تختلف بالاعتماد مكان بؤرة الصرع في الدماغ.[10] فيما يلي شرح لبعض تلك التدخلات:

  • الاستئصال الجزئي لمنطقة الدماغ المسببة للصرع، حيث يزيل الطبيب بؤرة الصرع عندما لا تكون منطقة الدماغ المصابة معنية بوظائف مهمة (كالكلام أو اللغة أو الحركة) كما هو الحال في صرع الفص الصدغي (temporal lobe epilepsy). [12]
  • استئصال نسيج الدماغ غير الطبيعي كالأورام عندما تكون مسببة للصرع؛ لأن نسبة عالية من الأورام قد تسبب الصرع، ويمكن التخلص من نوبات الصرع مع إزالة الورم جراحيا.[13]
  • قطع الجسم الجاسئ والذي يعتبر وصلة عصبية كبيرة بين شقي الدماغ، ويعتبر تدخل جراحي لحالات الصرع المعممة الشديدة.[10]
  •  يمكن اللجوء إلى الإجراءات طفيفة التوغل مثل العلاج بالليزر الحراري والذي يعتمد على جهاز الرنين المغناطيسي لتوجيه الليزر إلى بؤرة الصرع وتجنب إصابة النسيج الدماغي السليم، والذي يمكن استخدامه لعلاج صرع الفص الصدغي الإنسي (mesiotemporal epilepsy). [10]
  • يمكن زرع أجهزة للتحفيز العصبي للمرضى غير المؤهلين للتدخلات الجراحية، والتي توفر خيار آمن وتلطيفي لنوبات الصرع.[10]

  • العلاجات الأخرى:

  • النظام الغذائي الكيتوني: وهو نظام غذائي يحتوي على كمية كبيرة من الدهون وكمية قليلة من الكربوهيدرات مع كمية كافية من البروتين، والذي يجبر الجسم على تكسير الدهون لإنتاج الطاقة وإنتاج أجسام كيتونية، والتي لها تأثير مضاد للتشنج وتعتبر بديل غير دوائي لعلاج الصرع.[10]
    • العلاج الجيني: ما زال هذا الخيار تحت البحث والتجربة على الحيوانات، ولكن في المستقبل قد يعطي العلاج الجيني أملا في علاج حالات الصرع المقاومة للأدوية أو الحالات التي لا يمكن التدخل جراحيا لحلها. يتم العلاج من خلال نقل جينات سليمة إلى جسم المريض أو من خلال إزالة الجينات المسببة للمرض من خلال تقنية (CRISPR).[10]

المراجع:

  1. Falco-Walter J. Epilepsy-Definition, Classification, Pathophysiology, and Epidemiology. Semin Neurol [Internet]. 2020 Dec [cited 2023 Feb 4];40(6). Available from: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/33155183/
  2. Epilepsy: a public health imperative [Internet]. World Health Organization; 2019 [cited 2023 Feb 4]. Available from: https://www.who.int/publications/i/item/epilepsy-a-public-health-imperative
  3. Fisher RS, Acevedo C, Arzimanoglou A, Bogacz A, Cross JH, Elger CE, et al. ILAE official report: a practical clinical definition of epilepsy. Epilepsia [Internet]. 2014 Apr;55(4):475–82. Available from: http://dx.doi.org/10.1111/epi.12550
  4. Milligan TA. Epilepsy: A Clinical Overview. Am J Med [Internet]. 2021 Jul;134(7):840–7. Available from: http://dx.doi.org/10.1016/j.amjmed.2021.01.038
  5. Wylie T, Sandhu DS, Murr N. Status Epilepticus. In: StatPearls [Internet] [Internet]. StatPearls Publishing; 2022 [cited 2023 Feb 14]. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK430686/
  6. Scheffer IE, Berkovic S, Capovilla G, Connolly MB, French J, Guilhoto L, et al. ILAE classification of the epilepsies: Position paper of the ILAE Commission for Classification and Terminology. Epilepsia [Internet]. 2017 Apr;58(4):512–21. Available from: http://dx.doi.org/10.1111/epi.13709
  7. Fisher RS. The New Classification of Seizures by the International League Against Epilepsy 2017. Curr Neurol Neurosci Rep [Internet]. 2017 Jun;17(6):48. Available from: http://dx.doi.org/10.1007/s11910-017-0758-6
  8. Epilepsy: Overview. In: InformedHealth.org [Internet] [Internet]. Institute for Quality and Efficiency in Health Care (IQWiG); 2019 [cited 2023 Feb 14]. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK343313/
  9. Stafstrom CE, Carmant L. Seizures and Epilepsy: An Overview for Neuroscientists. Cold Spring Harb Perspect Med [Internet]. 2015 Jun [cited 2023 Feb 14];5(6). Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4448698/
  10. Anwar H, Khan QU, Nadeem N, Pervaiz I, Ali M, Cheema FF. Epileptic seizures. Discoveries (Craiova) [Internet]. 2020 Jun 12;8(2):e110. Available from: http://dx.doi.org/10.15190/d.2020.7
  11. Martin J. Brodie, Frank Besag, Alan B. Ettinger, Marco Mula, Gabriella Gobbi, Stefano Comai, Albert P. Aldenkamp and Bernhard J. Steinhoff Website [Internet]. Epilepsy, Antiepileptic Drugs, and Aggression Pharmacological Reviews July 1, 2016, 68 (3) 563-602; Available from:
    https://doi.org/10.1124/pr.115.012021
  12. Boling WW. Surgical Considerations of Intractable Mesial Temporal Lobe Epilepsy. Brain Sci [Internet]. 2018 Feb 20;8(2). Available from: http://dx.doi.org/10.3390/brainsci8020035
  13. Epilepsy and brain tumors. In: Handbook of Clinical Neurology [Internet]. Elsevier; 2016 [cited 2023 Feb 14]. p. 267–85. Available from: http://dx.doi.org/10.1016/B978-0-12-802997-8.00016-5
0 replies

Leave a Reply

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *